بر الوالدين
جد في الحصول على وظيفة في مدينته التي تخرج منها والتي كما قال: لا يطيق
الخروج منها..فهو فيها مثل السمكة في الماء!.. فقد كان له أصحاب وأصدقاء ومعارف
وجيران. شاب يحب الناس ويأنس بمجالستهم ومحادثتهم. وأعانه الله على إيجاد الوظيفة
التي يرغب في المكان الذي يحب!
بدأ عمله في جد ونشاط، محبوبًا لدى زملائه دمث الخلق، حسن المنطق، ولهذا
بدأ يترقى في منصبه الوظيفي وتحظى من سبقوه بسنوات!
قال له يومًا أحد أصحابه: لعل توفيقك في هذه الوظيفة بسبب برك بوالديك! قال:
أرجو ذلك فهذا من علامات البشرى لي بأن الله عز وجل تقبل مني القليل!
وأراد الله عز وجل أن يجعل البر امتحانًا للشاب، فقد سمع والده يومًا يثني
علي قريتهم، ومزرعتهم المهملة هناك. وقال الأب في معرض حديثه.. أتمنى أن أعيش بقية
عمري هناك..
انتهى الحديث لكن الشاب بدأ يفكر.. هذه رغبة أبي، ولعل من البر أن أحققها
له، وأجعله يهنأ بهذه الأمنية في هذه السن.
وكان الغد يومًا مشرقًا في حياة الأب، فقد بشره الابن، أنه سوف ينتقل إلى القرية،
وسوف يقيم هناك. لكن الأب أظهر التردد وعدم الرغبة في المشقة على الابن، ثم أطلق
من لسانه كلمة .. والوظيفة يا بني!
قال الابن: الوظيفة هي أن أبر بك.. هذه وظيفتي التي أتقرب إلى الله عز وجل
بها مع الطاعات الأخرى!
تلعثم الأب ونزلت دمعة من عينه على هذا البر ورفع يديه إلى السماء ودعا
بدعاء حار متواصل، لانقطاع له وسأل الله للابن التوفيق في الدنيا، والآخرة، وكان
آخر ما دعا له به أن يسكنه وذريته الفردوس الأعلى!«ومن عمل صالحًا فلنفسه»..
المواضيع السابقة منقولة من كتابمن عمل صالحًا فلنفسه
عبد االمالك القاسم