سنة التعدد
خلال سنوات مضت وبتأثير الإعلام العجيب أصبح تعدد الزوجات جريمة، وأصبحت
النظرات الساخطة توجه نحو الرجل المعدد، أما المرأة الأولى أو الثانية فإنها لا
تحسد على ما فعل زوجها، فهي الناقصة وهي المغفلة وهي...!
عبد الله رجل مثالي في حياته، وفي حسن أدبه وخلقه أما عن ديانته فأحسبه من
الأخيار.. تزوج الأولى وأنجب منها أطفالاً، وكانت زوجته نعم الأم والمربية، شاركته
في الهموم والغموم، وفي الأفراح والأتراح.
وحين أطالت التفكير في أمر زميلة لها مطلقة، مضى على طلاقها سنوات ولم
يتقدم إليها أحد، ذكرتها لزوجها وحثته على الزواج بها. وكان الأمر كذلك وألف الله
عز وجل بين قلبي الزوجتين فكانتا كالأخوات، وكان الرجل عاقلاً، حكيمًا طبق شروط
وواجبات التعدد، أحسن في العدل قدر المستطاع، فسارت حياته على خير ما يرام، وكان
من تعجب الناس كيف استطاع التوفيق بين الزوجتين؟! بل وكيف سارت حياته دون مشاكل
تذكر؟!
وكان الزوج محبًا للأيتام والأرامل، ودعا الله عز وجل أن يجعله ممن يرعون
الأيتام والأرامل ويقومون بحاجتهم فيسر الله له العمل في أحد المبرات الخيرية،
فقام بالرعاية والكفالة، وكأنهم أبناؤه، بل كان يتابع في مدرسته الطلاب الأيتام هل
تناولوا مثل غيرهم من الطلاب طعامًا في الفسحة المدرسية أم لا؟
ومرت الأيام وهو على تلك الحال، حتى علم بأرملة توفي عنها زوجها، وكان
زوجها من أهل الصلاح والخير، وترك خلفه سبعة أطفال. عندها راودته فكرة الزواج بهذه
الأرملة، فتلمس الآراء.. وما أكثر من عارض هذا الزواج! امرأة كبيرة وسبعة أطفال!
وعندها تقدم لهذه الأرملة المسكينة،فقالت : أريد صغاري معي! فقال: والله ما تقدمت
إلا لهؤلاء الصغار. وكان الله عز وجل رحيمًا بهؤلاء أمًا وأبًا فرزقهم زوجًا مشفقًا
على أمهم، ورزقهم أبًا حنونًا عوضهم بعضًا من حنان وعاطفة والدهم!
بعد شهور .. قال الزوج كلما تذكرت أن عندي سبعة صغار أعولهم سارعت إلى شراء
ما يريدون، وكلما جلست وسطهم تذكرت مكان والدهم فأخفي الدمعة! وجعل الله له مع
الثلاث زوجات، مودة ورحمة وسكن ما رأى مثلها في حياته، وفتح الله عليه من رزقه ما
لم يكن ينتظره! «ومن عمل صالحًا فلنفسه»...