ثلاثة أجزاء
امرأة شابة متزوجة ولها أبناء صغار، لكنها محبة لكتاب الله عز وجل، تقرؤه
آناء الليل وأطراف النهار، لا تكل ولا تمل من ترداده. تقرأ ما تيسر لها من القرآن
حفظًا عن ظهر قلب. أو قراءة في المصحف. لم يكن عمل المنزل، ولا رعاية الأبناء، ولا
الاهتمام بالزوج، صارفًا لها عن أحب ما تملك وهو قراءة كتاب الله عز وجل. ولما أتى
شهر شعبان بدأت تستعد لشهر الصيام وتعد العدة: فقامت في مطبخها لتحضير ما يكفي
لشهر كامل من المأكولات المرغوبة في شهر الصيام، وكان همها التفرغ للعبادة في هذا
الشهر العظيم، وقالت وهي تعد العدة: لعله آخر رمضان... شمري يا نفس واتركي لذيذ
النوم وكثير الكسل والخمول. ولما دخل أول يوم من شهر رمضان وضعت لنفسها ولأبنائها
جدولاً لقراءة القرآن وتلاوته. فيسر الله أمرها وأعانها، وفي ما بين المغرب
والعشاء وهو وقت ضائع عند الكثير كانت تقرأ ثلاثة أجزاء! نعم ثلاثة أجزاء فيما بين
العشاءين ولم ينقص من طعامها شي، ولا من ترتيب منزلها، ولا من شئون زوجها. لقد
أعانها الله عز وجل ويسر لها طريق الطاعة بالتوفيق مع العزم والمثابرة.
ولا تزال تردد في نفسها بين الحين والآخر في وجل وخوف قول ابن عوف: لا تثق
بكثرة العمل، فإنك لا تدري أيقبل منك أم يرد، ولا تأمن ذنوبك فإنك لا تدري أكفرت
عنك أم لا! إن عملك مغيب عنك كله.