المبدأ الأول: الاتصال يقوم على فهم الآخرين والتآلف معهم
دعنا نساعدك بداية أخي في فهم أنماط الناس من جهة استقبالهم للمعلومات والتعبير عن آرائهم، فمن هذه الجهة يقسم الناس إلى ثلاثة أقسام:
1ـ البصري:
هذا الشخص يرى العالم حوله من خلال الصور والرؤية بالعين، حتى أنه عند الحديث عن المعاني المجردة يحولها إلى صور مشاهدة فهو يركز أغلب انتباهه على صور وألوان التجربة، وعندما يصف حادثة معينة يصفها من خلال الصور، وتجد عباراته يكثر فيها: أرى ـ أنظر ـ يظهر ـ مشهد ـ وضوح ـ لمعان ـ ملاحظة ـ مراقبة ـ منظر ـ ألوان ـ ظلام ـ ظلال ـ شروق.
هذا الشخص تجده سريعًا في حركته سريعًا في كلامه في أكله، حياته على نمط سريع وذلك بسبب تأثره بالنمط الصوري القائم على الصور المتلاحقة والضوء.
2ـ السمعي:
هذا الشخص الحاسة الغالبة عليه في استقبال المعلومات وفي رؤية العالم من حوله هو السمع، هذا الشخص يحب الاستماع كثيرًا وله مقدرة فائقة على الاستماع دون مقاطعة ويهتم كثيرًا باختيار الألفاظ والعبارات وتجد كلامه بطيئًا، ويركز على نبرات صوته عند الكلام كما أنه يميل للمعاني التجريدية النظرية كثيرًا.
وتجد عباراته يكثر فيها: اسمع ـ أنصت ـ إصغاء ـ صوت ـ رنين ـ لهجة ـ إزعاج ـ صياح ـ همس ـ ثرثرة ـ صهيل ـ زئير ـ رعد.
الشخص السمعي يتأنى في اتخاذ القرار ويجمع أكبر قدر من المعلومات قبل اتخاذه ويقلل إلى أدنى درجة مستوى المخاطرة، فهو رجل قرار حذر.
قال أحد الحكماء: المستمع الجيد خطيب جيد.
3ـ الحسي:
هذا الشخص ينصب اهتمامه الرئيسي على الشعور والأحاسيس، وإذا حكى لك عن تجربة معينة سيحكيها لك من خلال ما شعر به وما أحس به، ولذلك فإن قراراته مبنية على المشاعر والعواطف المستنبطة من التجربة.
هذا الشخص تجد كلامه أكثر بطئًا من سابقيه ويستشعر ثقل المسؤولية أكثر من غيره ولذلك ينفعل للمبادئ ويندفع للعمل لها وتجد عباراته يكثر فيها: شعور ـ إحساس ـ لمس ـ إمساك ـ حار ـ بارد ـ ضغط ـ شدة ـ ألم ـ حزن ـ سرور ـ ثقل ـ جرح ـ ضيق.
وهكذا إذا فهمت شخصية الآخر، وحددت نمط إدراكه، فإن هذا سيساعدك كثيرًا في تحقيق التآلف معه.
بعد أن تفهم أنماط الناس تنتقل إلى طرق تحقيق الألفة معهم، فإذا كنت في اجتماع مثلاً أو في لقاء مع شخص وتريد تحقيق الألفة مع الشخص المقابل فأمامك خطوتين:
الخطوة الأولى: المجاراة: وهي أن تجعل سلوكك الخارجي يتوافق مع سلوك الشخص الخارجي ويتم ذلك من خلال الخطوات التالية:
1- حاول أن تجعل تنفسك متوافقًا مع الشخص الآخر وقد يكون هذا غير مريح بالنسبة لك ولكن تزامن التنفس يعني تأسيس الألفة.
2- حاول أن تجعل صوتك متوافقًا مع صوت الآخر من حيث السرعة ـ النبرة ـ الشدة، وسوف يساعد فهمك لطبيعة الشخصية علي تحديد الصوت المناسب لها.
3- حاول أن تجعل حركاتك متوافقة مع حركة الآخر حركة اليدين والرجلين والرأس.
4- حاول أن تجعل تعبيرات الجسم متوافقة مثل طريقة الجلوس ـ وضع اليد على الخد ـ وضع اليدين على بعضهما ـ تشبيك الأصابع، لاحظ ماذا يفعل المقابل وافعل مثله.
5- تكلم مع الشخص المقابل بالأسلوب الأقرب إلى شخصيته فإذا كان شخصًا بصريًا ركز على تصوير الكلام له وضرب الأمثلة الواضحة، وأما إن كان شخصًا سمعيًا ركز على نبرة صوتك واشرح الوضع بالتفصيل وشجع المناقشة بطرح أسئلة صريحة وحاول أن تركز على المعاني والألفاظ الدقيقة.
وإذا كنت مع شخص حسي اجعله يشعر بما تقوله وتفاعل مع الكلام.
الخطوة الثانية: القيادة: تولد المجاراة التآزر والاتصال القوي، أما الآن وفي هذه الخطوة آن لك أن تقود الشخص الآخر بعدما حصل هذا الاتصال وهذا التآزر، هيا! خذ الآن بزمام المبادرة! قم بتغيير مقصود في سلوكك، وستجد أن المقابل يجاريك بدوره أو يتبعك، إذا حدث ذلك فإن هذا الشخص يتبع قيادتك ولديك علاقة اتصال ممتازة، الآن في هذه اللحظة تستطيع قيادته نحو النتيجة المرغوبة مثل أن تقنعه بما تريد أو تدفعه نحو عمل أو سلوك معين.
هذا هو المبدأ الأول نلخصه في الخطوات التالية:
1ـ فهم شخصية الشخص الآخر هل هو بصري أم سمعي أم حسي؟
2ـ حقق التآلف والتآزر من خلال مجاراة سلوك الشخص الآخر.
3ـ بعد الاطمئنان على تحقيق التآلف قم بقيادة الشخص الآخر نحو ما تريد وتأكد من ذلك من خلال تغيير سلوكك وملاحظة رد فعل الشخص الآخر.
المبدأ الثاني: ثلاثية الاتصال
يعتقد بعض الناس أنه حتى يؤثر على الآخرين ويتصل بهم اتصالاً جيدًا عليه أن يركز على الكلمات المؤثرة ويرتبها بنظام معين على حسب شخصية الآخر، وبذلك قد أتم عملية الاتصال، والواقع أنه بذلك قد حصل 7% فقط من عملية الاتصال.
فقد أجريت دراسات في بريطانيا في عام 1970م حول تأثير الكلام على الآخرين فوجدوا نسبة التأثير في الآخرين على الوجه التالي:
الكلمات والعبارات 7% من التأثير.
نبرات الصوت 38% من التأثير.
تعبيرات الجسم الأخرى من عيون ووجه وأيدي وجسم 55% من التأثير، وعلى الرغم من هذه النسبة الضئيلة للكلمات والعبارات إلا أنها قد تبلغ 100% عند الشخص الآخر لذلك اختر كلماتك بعناية.
المبدأ الثالث: أهمية الدقة اللغوية في الاتصال
في عملية الاتصال تحتاج إلى أن تكون دقيقًا جدًا في اللغة التي تستعملها، وعليك أن تركب الجمل بصورة صحيحة محتوية على المعلومات المطلوبة من أجل الحصول على الإجابة المتوقعة.
من ناحية أخرى فإن الآخرين أثناء حديثهم وبدون أن يشعروا يرتكبون غالبا أخطاء شنيعة في التعبير عما بداخلهم، ومن أكثر الأخطاء التي تقع الحذف والتشويه والتعميم، لذنك تحتاج أثناء اتصالك بالناس إلى استدراك هذه الأخطاء من خلال السؤال والاستفسار والتأكد حتى تفهم الآخرين بصورة صحيحة وتصل إليك المعلومات المقصودة، وإليك شرح للأخطاء الثلاثة الشائعة في استعمالك للغة:
1ـ الحذف:
قد يخاطب شخص ويحذف وسط الكلام معلومات أنت تحتاجها، مثل:
[1] صودق على القانون!
نقول له: أي قانون؟
[2] قانون الإسكان.
نقول له: من صادق عليه؟
[3] مجلس الحكومة!
نقول له: لم يعرض على البرلمان بعد إذا؟
2ـ التشويه:
[1] مثلا أن يقول لك: إنه يؤذيني.
نقول له: ما هو نوع الأذى؟
[2] أو يصدر حكمًا معينًا فيقول مثلاً: من المؤكد أنك تفهم ما أقول.
فنقول: من المؤكد بالنسبة لمن؟ أو ما الذي جعله مؤكدًا؟
[3] أو يربط سببًا بنتيجة: كأن يقول: أنت لا تتصل بي أنت لا تحبني.
فنقول: كيف أن مجرد عدم الاتصال يعني عدم المحبة؟
3- التعميم:
[1] مثل أن يقول: لم أنجح في أي شيء في حياتي.
فنقول له: في كل حياتك! هل نجحت في شيء من حياتك ولو مرة واحدة؟
[2] أو تقول: كل الرجال صنف خائن لم أقابل رجلاً أمينًا.
فنقول لها: لا أحد على الإطلاق؟ ماذا عن والدك؟
كل هذه الأخطاء عزيزي القارئ، تقتضي منك أن تكون في تركيز شديد أثناء اتصالك مع الآخرين جاعلاً حواسك منتبهة لما يحدث.
مصدر المقال : عن كتاب "فن التواصل مع الآخرين" بتصرف، من إعداد محمد هشام أبو القمبز