الألقاب تطارد ديل بوسكي حتى جنوب أفريقياكرة القدم - كاس العالم 2010رهان
الاتحاد الاسباني ينجح على ابن سلمنقة و"لا فوريا روخا" يعتلي العرش
العالمي وينضم إلى النادي الحصري للأبطال. جوهانسبرغ - دخل المدرب الفذ فيسنتي دل بوسكي تاريخ بلاده من الباب
العريض بعدما قاد منتخب بلاده إلى لقب بطل كأس العالم للمرة الأولى في
تاريخه وذلك اثر فوز "لا فوريا روخا" على نظيره الهولندي 1-صفر بعد التمديد
الأحد على ملعب "سوكر سيتي" في جوهانسبورغ في المباراة النهائية لمونديال
جنوب أفريقيا 2010.
وارتقى دل بوسكي بامتياز إلى مستوى المسؤولية التي ألقيت على عاتقه
بعد خلافة لويس اراغونيس الذي قاد المنتخب إلى لقبه الأول منذ 1964 بعدما
توج بطلا لكأس أوروبا 2008 على حساب نظيره الألماني (1-صفر)، وأصبح الرجل
"الخالد" في أذهان شعب بأكمله.
نجح رهان الاتحاد الاسباني على ابن سلمنقة المولود عام 1950، وتربع
"لا فوريا روخا" على العرش العالمي وانضم إلى النادي الحصري للأبطال،
رافعا عدد المنتخبات التي حملت الكأس المرموقة إلى ثمانية.
ونجح الرجل الهادئ الذي يعمل تحت الرادار ودون الضجة الإعلامية
التي تحيط بالمدربين الآخرين مثل في ريال مدريد حاليا البرتغالي جوزيه
مورينيو أو نظيريه الأرجنتيني دييغو مارادونا والفرنسي ريمون دومينيك، في
أن يجعل منتخب بلاده ثاني بلد فقط يتوج باللقب الأوروبي ثم يضيفه إليه
اللقب العالمي بعد عامين، وكان سبقه إلى ذلك منتخب ألمانيا الغربية (كأس
أوروبا 1972 وكأس العالم 1974).
لن يعمينا النجاح "لن يعمينا النجاح"، هذا ما قاله دل بوسكي بعد التأهل إلى النهائي،
مضيفا: "لا يوجد هناك أصعب أو أغلى من الفوز بكأس العالم. لكن علينا أن
نلعب المباراة النهائية، لا يمكننا أن نتباهى أو أن نصاب بالغرور"، وبالفعل
نجح المدرب الفذ في التعامل مع مواجهة اللقب بحكمة واستحق رجاله أن يخرجوا
فائزين".
يعد دل بوسكي شخصية فريدة من نوعها، وبينما اشتهر معظم أفراد أسرته
في العمل في مجال السكك الحديدية، اختار شخصيا أن يخوض مغامرة مهنية
مختلفة عن باقي أقربائه، مفضلا الاستجابة لرغباته الكروية ومواصلة مسيرته
في عالم الساحرة المستديرة.
ولم تخب طموحات دل بوسكي في مشواره العملي الذي ارتبط في مجمله
بعملاق العاصمة ريال مدريد، حيث حقق نجاحات كبيرة على امتداد سنواته
الطويلة في ملاعب كرة القدم فتوج بلقب الدوري المحلي كلاعب 5 مرات وبالكأس
المحلية أربع مرات، قبل أن ينجح كمدرب بقيادة النادي الملكي الى لقب الدوري
مرتين ودوري أبطال أوروبا مرتين وكأس السوبر الأوروبية مرة واحدة والكأس
القارية مرة واحدة أيضا.
أقوى الأسلحة من المؤكد أن دل بوسكي دخل إلى العرس العالمي الأول على الأراضي
الإفريقية وهو يملك الأسلحة اللازمة التي مكنته من تحقيق امال الشعب
الاسباني بالصعود إلى منصة التتويج لان "لا فوريا روخا" تميز بلعبه الجماعي
الرائع والقدرات الفنية المذهلة للاعبيه، وهو تحدث عن فلسفته قائلا: "إن
كرة القدم رياضة جماعية بامتياز، لكنك تحتاج للفرديات أحيانا من اجل صنع
الفارق واختراق الدفاعات. نحن نملك مهارات فردية متميزة في كل خطوطنا، بدءا
بالحارس ومرورا بالوسط وانتهاء بالهجوم، إذ تضم صفوفنا لاعبين مهاريين
بارزين".
سيبقى دل بوسكي دائما في الأذهان بأنه المدرب الذي نجح في فك عقدة
بلد بأكمله في العرس الكروي العالمي ونجح في قيادة "لا فوريا" روخا إلى
ابعد ما نجح فيه أي من المدربين ال49 الذين تناوبوا على رأس الهرم الفني
للمنتخب الوطني.
نتائج متميزة منذ أن تسلم مهامه مع المنتخب بعد كأس أوروبا مباشرة، نجح دل بوسكي
في قيادة منتخب بلاده لمواصلة عروضه الرائعة ومسلسل نتائجه المميزة، ولم
يلق أبطال أوروبا طعم الهزيمة بقيادته سوى مرتين فقط، الأولى على يد
الولايات المتحدة في نصف نهائي كأس القارات العام الماضي (صفر-2) عندما وضع
منتخب "بلاد العم السام" حينها حدا لمسلسل انتصارات بطل أوروبا عند 15 على
التوالي (رقم قياسي جديد) والحق به هزيمته الأولى منذ
سقوطه امام رومانيا صفر-1 في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2006، فحرمه من تحطيم الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة، ليبقى شريكا للمنتخب البرازيلي في هذا الرقم (35 مباراة دون هزيمة)، علما بان الاخير سجله بين عامي 1993 و1996.
أما الثانية فكانت في مستهل المشوار المونديالي على يد سويسرا التي
سجلت مفاجأة مدوية بإسقاطها المنتخب الاسباني الذي استعاد توازنه بعدها
وواصل زحفه حتى بلغ نصف النهائي للمرة الاولى منذ 1950، متلخصا في طريقه من
البرتغال والبارغواي قبل أن يجدد الموعد مع ألمانيا في نصف النهائي فتغلب
عليها مجددا وبالنتيجة ذاتها التي فاز بها في نهائي كأس أوروبا.
ودخل دل بوسكي ومنتخبه نهائيات جنوب أفريقيا وفي جعبتهما 11
انتصارا متتاليا و24 من أصل المباريات ال25 الأخيرة، ما جعلهم المنتخب
الأوفر حظا للفوز باللقب العالمي للمرة الأولى وهو ما زاد الضغط على لاعب
وسط ريال مدريد وكاستيلون سابقا، إلا انه كان على قدر المسؤولية رغم
البداية المتعثرة ودخل التاريخ.
إجادة تحت الضغوط اثبت دل بوسكي انه يجيد التعامل مع الضغوط خصوصا انه اشرف على أشهر
وانجح فريق في العالم وهو ريال مدريد من 1999 حتى 2003، فائزا معه بلقب
الدوري عامي 2001 و2003 ودوري أبطال أوروبا عامي 2000 و2002 قبل أن يقال من
منصبه عام 2003 من قبل رئيس النادي فلورنتينو بيريز.
طرق الاتحاد الاسباني باب دل بوسكي بعد كأس أوروبا 2008 ليخلف
اراغونيس، فلبى ابن سلمنقة النداء الوطني ونجح في قيادة بلاده إلى نهائيات
جنوب أفريقيا بطريقة رائعة لان "لا فوريا روخا" حصد النقاط الكاملة في
مجموعته الأوروبية الخامسة، متفوقا بفارق 8 نقاط عن البوسنة الثانية.
من المؤكد أن دل بوسكي لم يخيب ظن الشعب الاسباني بأكمله بل انه
خلق جوا توحيديا في البلاد لدرجة أن مقاطعة كاتالونيا التي تطالب
باستقلالها رفعت العلم الاسباني إلى جانب الكاتالوني في خطوة نادرة.
ولم يدخل دل بوسكي الكثير من التعديلات على طريقة لعب المنتخب
والأسلوب الذي طبقه سلفه اراغونيس رغم الاختلاف الجذري بين المدربين على
الصعيدين الشخصي والإداري.
وخلافا لاراغونيس الذي عرف عنه طابعه الحاد ومواقفه المثيرة للجدل
في بعض الأحيان، ادخل دل بوسكي الهدوء والتحفظ والصبر إلى منصب المدرب،
إضافة إلى التواضع.
نموذج للمدربين ويعتبر دل بوسكي نموذجا للمدربين الهادئين الذين بإمكانهم المحافظة
على رباطة جأشهم في الأوقات الحرجة ويتمتع أيضا بطبيعته المسالمة
وبمقارباته المدروسة بالإضافة إلى قدرته على التعامل مع فرق تعج بالنجوم
الكبار وهو ما سهل استلامه السلس لرئاسة الإدارة الفنية المنتخب دون إهمال
واقع انه يعمل دائما للمحافظة على وحدة وأداء لاعبيه الموهوبين.
والتزم دل بوسكي بالحكمة التي تقول بأنه "لا يجب العبث بتركيبة
رابحة" واتخذها كمبدأ له منذ أن استلم مهامه مع المنتخب وكان التغيير
الوحيد الذي أجراه خلال مشواره مع المنتخب حتى الآن هو تطعيمه ببعض المواهب
الشابة من اجل المحافظة على الاستمرارية في النتائج والتنافس والنشاط على
الأمد الطويل.
المصدر