لا يشكل رمضان أي
خطر على الصحة فبخلاف الناحية الدينية،فان الكثيرين من أطباء الغرب يدعون
اليوم إلى الصيام كسبا للصحة الجيدة لا العكس.
إن كل شخص لا يشكو من
مرض أو عله يمكنه صوم شهر رمضان ،أما الذين يشكون من المرض فهم معذورون
إذا لم يستطيعوا فقد قال تعالى يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما
كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو
على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع
خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون . شهر رمضان الذي أنزل
فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه
ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد
بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)صدق
الله العظيم.
فهناك أمراض تستدعي إقدام أصحابها على استشارة الطبيب قبل الصيام لا لمنعهم من ذلك بل لتنظيم تناولهم لأدويتهم خلال الشهر الفضيل .
إن
الصوم اصبح اليوم أمرا بالغ الإيجابية على صعيد الصحة والتخلص من سموم
الجسم فالصوم عبادة قديمة كتبها الله سبحانه وتعالى على الأمم السابقة
بقوله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من
قبلكم ).فقد عرف الإنسان الصوم منذ زمن قديم وأفرد له مكانا مرموقا في
عباداته وعقائده وحياته وقد اختلفت صوره وأوقاته باختلاف العصور والأمم.
وبشهادة
المؤرخ هيرودوت(450ق.م) تبين أن المصريين كانوا يصومون ثلاثة أيام كل شهر
وكذلك صوم كبير لأكثر من شهر ويختتمون هذا الصوم الكبير بالاحتفال بعيد
الإفطار وهو يوم"شم النسيم" أو ما يسمى بعيد الربيع.
كما عرف
اليونانيون القدماء فائدة الصوم فدعى الطبيب الشهير" ابقراط" إلى اتباع
الصوم لعلاج الكثير من الأمراض الباطنية والخارجية، وسار على دربه بعض
فلاسفته أمثال سقراط وأفلاطون فكانا يصومان عشرة أيام كل بضعة اشهر.
وقد
قيل أننا نحتاج إلى الصوم عندما يذخر البدن بالمواد الفاسدة والفضلات
السامة كما نحتاج إليه عندما تجتاحنا المادة وتنقصنا الروح وعندما تخور
العزيمة ويضل الرأي ويطلب الجهاد ونرغب فيه عندما يبلد الجسد ويضطرب الخلق
وتثور النفس وعندما ننشد الحياة المثلى.
وقد صام الفيلسوف "ابيقور" في
القرن السادس عشر قبل الميلاد أربعين يوما قبل أن يؤدي الامتحان الكبير في
جامعة الإسكندرية لحشد قواه العقلية ورفع طاقته الإبداعية .
وكان داوود
عليه السلام يصوم يوما ويفطر يوما وفي الحديث الشريف عن الرسول عليه
الصلاة والسلام"خير الصيام صيام داوود،كان يصوم يوما ويفطر يوما)كما اعتاد
المسيح عليه السلام الصوم أياما كثيرة كل عام لتطهير روحه وبدنه.
وفي
إنجيل"متى"من العهد الجديد أن السيد المسيح صام أربعين يوما في البرية
واتبع المؤمنين هذه العادة وأضافوا إليها فيما بعد أياما أخرى واعتاد
الرهبان المسيحيون في العصور الوسطى الصوم أياما متفرقة كل عام لعلاج
الأمراض العصبية والنفسية .
الجسم يغذي ذاته
الامتناع عن
الطعام والشراب ينتج عنه عمليتان أساسيتان : انتقال الجسم إلى التغذية
الداخلية اعتمادا على ما تدخره الأنسجة للحصول على الطاقة اللازمة
لاستمرار الحياة ، وفي هذا الخصوص قام "باشوفين" بدراسة تأثير الجوع على
فيزيولوجيا الإنسان وتبين له أن انقطاع الإمداد بالطعام من الخارج ينتقل
بالجسم إلى تغذية نفسه من الداخل من المخزون في أنسجة مختلفة في الجسم
باستثناء القلب والجهاز العصبي.
وقد وصف"باشوتين" تلك العملية بأنها نضال أعضاء الجسم الجائع حيث يساهم كل منها بما لديه من مخزون .
الصوم يجدد الشباب ويؤخر الشيخوخة
أكد عالما
الفزيولوجيا بجامعة شيكاغو وهما "كارلسون وكوند" أن الصوم لمدة أسبوعين
تكفي لتجديد خلايا الجسم في عمر الأربعين بحيث تبدو مماثلة لأنسجة شاب في
السابعة عشر من عمره ،وهذا يتطلب معاودة الصوم على فترات، كما أظهرت
دراسات في جامعة شيكاغو أن صوم (30-40)يوما يزيد الاستقلاب بمعدل(5-6%)
وحيث أن نقص الاستقلاب يعد مظهرا من مظاهر الشيخوخة فان الصيام يؤدي إلى
استعادة الشباب وتأجيل الهرم والشيخوخة.
الصوم لعلاج مرض السكر
مرض
السكري كما هو معروف له علاقة وثيقة جدا بالطعام وكمياته ونوعه وعلى طريقة
طهيه ومرض السكري ومرض الضغط من اكثر الأمراض التي تتأثر بالطعام نوعا
وكما ، وقد اتبع في ألمانيا في أوائل القرن العشرين طريقة السيطرة على
نسبة السكر في الدم في الحالات المتوسطة عن طريق الصوم ويشبه الصوم الكامل
في رمضان لمدة أسبوعين ، و أوصى البروفسور (نوفن) المرضى بالصوم تماما عن
الطعام ما عدا تناول العصير بكميات قليلة.
هذا وقد أثبتت الدراسات
والأبحاث أن 30% من مرضى السكري يمكن السيطرة على مرضهم بواسطة اتباع نظام
في التغذية ومكافحة السمنة وممارسة أي نشاط رياضي ولو بسيط بمعدل نصف ساعة
يوميا دون استعمال أي شئ أخر سواء عن طريق الفم أو الحقن .
الصوم وقاية لشرايين القلب
الصوم يعمل على
خفض المواد الدهنية والمواد الغنية بالكوليسترول وبالتالي يعمل على خفض
هذه المواد في الدم ويعمل على وقاية شرايين القلب ، بل أن الشرايين
المصابة فلا يمكن أن يصلح حالها إذا انخفضت نسبة الكوليسترول والدهنيات في
الدم .
كذلك يحسن الصوم من قوة نبضات ودقات القلب ،كما أن القلب يرتاح
كثيرا عند الصوم إذ تنخفض دقاته إلى 60 في الدقيقة .مما يعني انه يوفر
مجهود حوالي 29000 دقه في اليوم الواحد.
والصيام عن التدخين طوال اليوم
سيفيد الشرايين والقلب والرئة بشرط أن لا يعوض المرء ما فاته من تدخين
أثناء النهار بعد الإفطار أي خلال الليلة و أن يلتزم بالمائدة الرمضانية
الصحية والبسيطة بدون بذخ وإسراف.
فما يدعى بالحلويات الرمضانية مثل
القطايف والكنافة والكلاج هي بالحقيقة متوفرة طيلة أيام السنة فلا داعي
للتركيز عليها على إنها حلويات رمضانية علما بأنها تزود الجسم بكمية من
السعرات الحرارية الكاذبة أي سعرات حرارية بدون فوائد غذائية كثيرة ، فعلى
سبيل المثال وجد أن حبه القطايف المحشوة بالجوز مع ما تمتصه من القطر( ماء
وسكر بتركيز مرتفع ) يمكن أن تزود الجسم بحوالي 400 سعر حراري وكذلك الحال
مع قنينة المشروبات الغازية التي أصبحت مرافقه للموائد الرمضانية فهي
تزودك بحوالي250 سعر حراري .
الصوم للتخلص من السمنة
في دراسة نشرت في
المجلة الأمريكية للأغذية الصحية قام بها الدكتور "فيادل" وزملاءه على 28
شخصا صحيحا صاموا شهر رمضان تبين لهم أن صيام شهر رمضان يخفض الوزن بمقدار
2كغم.
وقد أكد الباحثون انه على الرغم من عدم التزام الكثير من
المسلمين بقواعد الإسلام الصحيحة في غذاء رمضان وإسرافهم في تناول الأطباق
الرمضانية الدسمة والحلويات فان الصيام استطاع أن ينقص الوزن بهذا المعدل .
وفي
هذا دلالة واضحة على انه إذا التزم الصائم بنظام صحيح وسليم في رمضان فأن
ذلك سيؤدي إلى خفض وزنه والى التخلص من البدانة وما فيها من مساوئ .
ومن
سنن الإفطار بعد الصوم على اقل شئ ولو كان تمره يزيل ما اعترى الجسم من
تغيرات أثناء الصوم فقد ثبت أن الإفطار بشيء سكري يجعله سهل الامتصاص
بسرعة فتزول أعراض الصداع والفتور والدوخة الناتجة عن نقص الجلوكوز في
الدم .