لابُدَّ
للذَّكاء مِن زكاء
سمعتُ إذاعة لندن تُخبرُ عنْ محاولةِ اغتيالِ الكاتب نجيبِ محفوظٍ ،
الحائزِ على جائزةِ نوبل في الأدبِ ، وعدتُ بذاكراتي إلى كتبٍ له كنتُ قرأتُها مْن
قبْلُ ، وعجبتُ لهذا الذَّكيِّ ، كيف فاتهُ أنَّ الحقيقة أعظمُ من الخيالِ ، وأنَّ
الخلود أجلُّ من الفناءِ ، وأن المبدأ الرَّبّانيَّ السَّماويَّ أسْمى من المبدأِ
البشريِّ * أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ
يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى * . بمعنى أنهُ كتب مسرحياتٍ منْ نسْج خيالِهِ ،
مُستخدمِاً قدراتِه القويَّة في التصويرِ والعرضِ والإثارةِ ، والنهايةُ أنها
أخبارٌ لا صحَّة لها .
لقد استفدتُ من قراءةِ حياتِه مسألةً كبرى ، وهي أنَّ السعادة ليستْ
سعاد الآخرين على حسابِ سعادتِك وراحتِك ، فليس بصحيحٍ أن يُسرَّ بك الناسُ وأنت
في همٍّ وغمٍّ وحزنٍ ، إنَّ بعض الكُتاَّبِ يمدحُ بعض المُبدعِين ، ويصفُه بأنه
يحترقُ ليُضيء للناس ، والمنهجُ السَّويُّ الثابتُ هو الذي يجعلُ المبدع يُضيءُ في
نفْسِه ويضيءُ للناسِ ، ويعمرُ نفسه بالخيرِ والهدى والرُّشدِ ، ليعمر قلوب الناسِ
بذلك .
وبعد هذا ، فماذا ينفعُ الإنسان لو حاز على مُلكِ كسرى وقلبُه
بالباطلِ مكسورٌ ، وحصل على سلطانِ قيصر وأملُه عن الخيْرِ مقصورُ ؟! إنَّ
الموهبةَ إذا لم تكنْ سبباً في النجاةِ ، فما نفعُها وما ثمرتُها ؟!
********
***********