أعداءُ
المنهجِ الرَّبانيّ
قرأتُ كتباً للملاحدِة الصَّادِّين عنْ منهج اللهِ شعراً ونثراً ،
فرأيتُ كلام هؤلاءِ المنحرفين عنْ منهجِ الله في الأرضِ ، وطالعتُ سخافاتِهم ،
ووجدتُ الاعتداء الجارف على المبادئِ الحقةِ ، وعلى التعاليمِ الرَّبّانيَّة ،
ووجدتُ هذا الرُّكام الرخص الذي تفوَّهَ به هؤلاء ورأيتُ منْ سُوءِ أدبِهم ، ومنْ
قلَّةِ حيائِهم، ما يستحي الإنسانُ أنْ ينقُل للناسِ ما قالوه وما كتبوه وما
أنشدوهُ.
وعلمتُ أنَّ الإنسان إذا لمْ يحملْ مبدأً ولم يستشعِرْ رسالةً ،
فإنَّهُ يتحوَّلُ إلى دابَّةٍ في مِسْلاخ إنسانٍ ، وإلى بهيمةٍ في هيكلٍ رجُلٍ : *
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً * .
وسألتُ نفسي ، وأنا أقرأُ الكتاب : كيف يَسْعَدُ هؤلاءِ وقدْ أعرضُوا
عنِ اللهِ الذي يملكُ السعادة ويعطيها سبحانه وتعالى لمنْ يشاءُ ؟!
كيف يسعدُ هؤلاءِ وقدْ قطعوا الحبال بينهم وبينه ، وأغلقوا الأبواب
بين أنفسِهم الهزيلةِ المريضِ وبين رحمةِ اللهِ الواسعةِ ؟!
كيف يسعدُ هؤلاءِ وقد أغضبُوا الله ؟!
وكيف يجدون ارتياحاً وقدْ حاربُوه ؟!
ولكنِّي وجدتُ أنَّ أول النَّكالِ أخذ يُصيبُهم في هذه الدارِ
بمقدِّماتِ نكالٍ أخرويٍّ - إنْ لم يتوبوا - في نار جهنمِّ ، نكالُ الشقاءِ ،
وعدمُ المبالاةِ ، والضِّيقُ ، والانهيارُ والإحباطُ : * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً * .
حتى إنَّ كثيراً منهمْ يريدُ أنْ يزول العالمُ ، وأنْ تنتهي الحياةُ
، وأنْ تُنسف الدنيا ، وأن يُفارق هذه المعيشة .
إنَّ القاسم المشترك الذي يجمعُ الملاحدة الأوَّلين والآخِرين هو :
سوءُ الأدبِ مع اللهِ ، والمجازفةُ بالقيمِ والمبادئِ ، والرُّعُونةُ في الأخْذِ
والعطاءِ والإعراضُ عن العواقبِ ، وعدمُ المبالاةِ بما يقولون ويكتبون ويعملون : *
أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم
مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ
جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * .
إنَّ الحلَّ الوحيد لهؤلاءِ الملاحدةِ ، للتَّخلُّصِ منْ همومِهم
وأحزانِهم - إنّ لم يتوبوا ويهتدوا - أنْ ينتحرُوا ويُنهُوا هذا العيش المُرَّ ،
والمرَ التافِه الرخيص: * قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ * ، * فَاقْتُلُواْ
أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ * .
*******************