لا
تتقمص شخصية غيرِك
* وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ
مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ * * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ
الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ * * قَدْ عَلِمَ كُلُّ
أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ * .
الناسُ
مواهبُ وقدراتٌ وطاقاتٌ وصنعاتٌ ، ومن عظمةِ رسولِنا - صلى الله عليه وسلم - أنه
وظَّف أصحابه حسب قُدراتِهمْ واستعداداتِهم ، فعليٌّ للقضاءِ ، ومعاذٌ للعِلْمِ ،
وأُبيٌّ للقرآنِ ، وزيدٌ للفرائضِ ، وخالد للجهادِ ، وحسَّانُ للشعِر ، وقيسُ بنُ
ثابتٍ للخطابةِ .
فوضْعُ الندى في موضعِ السيف بالعُلا مُضِرٌّ كوضعِ السيفِ في موضعِ الندى
الذوبانُ
في الغيرِ انتحارٌ تقمُّصُ صفاتِ الآخرين قتلٌ مُجْهِزٌ.
ومنْ
آياتِ اللهِ عزَّ وجلَّ : اختلافُ صفاتِ الناسِ ومواهبِهمْ ، واختلافِ ألسنتِهمْ
وألوانِهمْ ، فأبو بكر برحمتِهِ ورفقِهِ نفعَ الأمةَ والملَّة ، وعمرُ بشدَّتِهِ
وصلابتِهِ نصر الإسلامَ وأهله ، فالرضا بما عندك من عطاءٍ موهبةٌ ، فاستثمرها
ونمِّها وقدِّمها وانفع بها ، * لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا *
.
إنَّ
التقليد الأعمى والانصهار المسرف في شخصياتِ الآخرين وأدٌ للموهبةِ ، وقَتْلٌ
للإرادةِ وإلغاءٌ متعمَّدٌ التميُّزِ والتفرُّدِ المقصودِ من الخليقةِ .
*********************
منقول من كتاب
لا تحزن
للشيخ عائض القرني